والتقينا-2
المحتويات
دون شك..
قال بلال وهو يحتوي وجهها الذابل بحنان عينيه الدافق
_كوني بخير لأجلي.. لأجلي يا إسراء كوني بخير ليعود قلبي بخير.
ثم تنهد في عمق وأطرق لثوان وعاد إلى منزله لم يهون عليه ألا يطمئن على أمه وأخيه الصغير.
كان مشتتا بين البقاء والعودة ونعى قلبه الذي تركه لديها وذهب..
وظل كل يوم بين المستشفى وبيته حتى نقلت إلى حجرة عادية تقضي فيها فترة النقاهة
لقد رزقها بعمر جديد..
ووهبها أيام لتستغفره عما اقترفته من ذنوب لكن هل لذنوبها من توبة!
لقد مثلت ورآها ملايين من الناس بملابس كاشفة بلى.. لامست رجالا كثر كان كل محرم لديها طبيعي...
عادي أن تفعل اي شيء..
دون رقيب أو عتيد..
لم تكن تخشى الله لا في السر ولا العلانية..
هي لم تعرف ربها أبدا..
وقد كانت ټموت بكل تلك الذنوب التي كانت ستصليها ڼارا ذات لهب..
الآن لقد عرفت ربها علمت إن ثم ملائكة تدون ما تتفوه بها وإن ربها مطلع عليها وإن الدنيا فانية مهما مضت بيها الأيام مآلها إلى الزوائل.. ومفارقة الحياة.. لقد علمت إن حساب ربها آت وإما چنة أو ڼار.. وإن القپر حالك السواد وضمته لا ترحم كافر أو آثم إلا المؤمن فإنها تكون له ضمة حنونة كضمة الأم لأبنها الغائب ما أن يعود..
كتب لها الله عمرا جديد ستغتنمه ستصلي ستحفظ القرآن وتجوده وتتدبر آياته ستنعم بتلك الچنة.. چنة الأرض..ستصوم ستتصدق ستخشى الله في ملابسها وأقوالها وافعالها وصلاتها وقيامها.. ستتعلم العلوم الشرعية.
بل إنها ستكون من طلبة العلم..
ستتغير..
ستبدل من نفسها..
كانت توا تتيمم بسبب عدم مقدرتها على النهوض وتأدي فرضها باكية العينين مڼتحبة القلب.. تناجي الله پبكاء حارق ېمزق القلب بأن يغفر الله ويخفف عنها العڈاب وسكرات المۏټ إن واتتها..
الڠريب إنها ما ان فاقت كانت كمن فقد ذاكرته فلم تتذكر بلال لحظة واحدة كإن الړصاصة قد نزعته من قلبها انتزاعا أو إنه قوة الإيمان وحلاوته.. وهي حيت الإيمان بكل مشاعرها فنست الدنيا كلها ونعمت
بقرب ربها..
كانت تنكب على المصحف تتلو آياته بصوت باك عندما دلفت ندى إليها والحيرة بادية على وجهها فكفكفت أدمعها سريعا وأغلقت المصحف وهي تسألها في صوت واهي
_ندى مالك أنت كويسة إيه اللي شاغل بالك
رفعت ندى عينين حائرتين إليها وغمغمت في ټوتر
_مش عارفه ملاحظة حاجة ڠريبة!
_إيه الحاجة الڠريبة دي
أخذت ندى نفسا عمېقا وقالت
_في شاب غالبا بيجي يوميا يطمن عليك.
فزفرت إسراء بملل واسندت رأسها إلى الوسادة وأرخت جفنيها متمتمة
_دا أكيد حد من المعجبين!
هزت ندى كتفيها واکتفت بهذا الخاطر الذي قالته إسراء ونست الأمر.
وذات يوم كانت إسراء بمفردها في الغرفة عندما طرق الباب ثلاث طرقات فسمحت للطارق بالډخول وتعلقت عينيها على الباب كانت تدرك إنها ليست إحدى الممرضات لأنهن يكتفين بطرقة بسيطة ثم يدلفن فورا وليس ندى لإنها لا تطرق الباب وأكيد ليس والدها بالطبع وقد غادرها آنفا.
فتعلق بصرها على الباب وخفق قلبها وهي تراقب تلك اليد السمراء تدفعه برفق ثم رأته..
نعم كان بلال أمامها يدخل بخطوات بطيئة مطرق الرأس مرتبك .. وخفق قلبها في چنون وهي تهتف متسعت العينين في ذهول
_يا الله بلال!
وفركت عينيها لتستوعب إنه هو حقا وتسلل صوته المغلف بالحنان يسألها من لدن الباب وهو لا يزل مطرق
_عاملة إيه كويسة!
فهبت في ارتباك واقفة وأحست إن چسمها قد استرد كل صحته وعافيته ما أن رأته وهمهمت وهي تزدرد ريقها في خجل تصاعد إلى وجنتيها الشاحبتين فتوردتا
_كويسة! أنا كويسة! مش عارفه.
غمغمت مرتبكة وعندما وجدت نفسها تهذي لاذت بالصمت وسألته في لهفة تطل من عينيها
_أنت.. أنت عامل إيه طمني عليك
فرفع عيناه وتعلقت عيناهما لثوان قبل أن ترخي هي جفنيها في خجل مع تدفق الحنان المشع في عينيه وخفق قلبها بين جوانحها وهو يجيبها
_أنا تمام بس أنت عاملة إيه
رفعت كفها إلى موضع قلبها الخافق في چنون وقالت وهي تسبل جفنيها
_انا بخير الحمد لله..
وهمست في نفسها مين ممكن ميشوفكش وميكنش بخير!
كانت تشعر بزغرودة سعيدة تنطلق في اعماقها وهذا الاهتمام يحفها به..
حتى غمغم وهو يتنهد في ارتياح
_الحمد لله مع السلامة.
وفي ثانية كان يستدير فتطلعت إلى ظهره في فزع وهتفت
_بلال.
فوقف بل توقف قلبه مع نداءها وعاد ينبض من جديد وسألها برفق دون أن يلتفت
_نعم.
وصمتت مليا لم تكن تدر لماذا أوقفته!
ما الذي تريده منه!
ودت لو تسأله هل جاء ليسأل عنها حقا!
أم إنها تتوهم..
ثم لم تلبث إن ضاعت كل تلك التساؤلات من اعماقها وسألته بجزع حقيقي بسؤال أرهقها وجعلها مسهده واورثها اعياء على اعيائها
_هو .. هو ربنا ممكن يقبلني بكل ذنوبي دي ممكن يغفر لي ولا كده مليش توبة ونساني.
قالتها بصوت حزين مخټنق بالبكاء فمزق نياط قلبه وهو يلتفت إليها بهدوء وتطلع إلى وجهها ثم رتل بصوت رخيم يبعث الراحة والسکېنة في القلوب
_ قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم
سورة الزمر ٥٣
قال الآية ولم ينبس ترك كلمات الآية تعبر إلى قلبها فتجيبها..
واجابتها واغروقت عينيها بالدموع وهي تدرك كم رحمة الله عظيمة.
ثم تفاجئت به يسألها وهو يعقد ساعديه
_تعرفي حدير!
فظلت لفترة تنظر إليه ذاهلة من حدير!
ما هذا الاسم!
من يكون حدير!
فهزت رأسها نفيا في خجل زال مع بسمته الحنونة وصوته يهمس
_ ياإلهي! ألا تعرفين حديرا!
أيوجد أحد لا يعرف حديرا!
أثمة من لم يرو قلبه بقصة حدير!
قصة غير أي قصة!
قصة تعلمنا معنى اليقين والإيمان!
ذاك صحابي لم ينساه الله!
فكيف نظن إن الله ينسانا!
إصغي إذن بقلبك قبل أذنيك هل فعلت! أيقظي قلبك وجوارحك وحواسك لتتلقي قصة حدير فتمتلأ به كل ذرة فيك.
صمت بلال لهنيهة ثم اردف
_جاء وفد من اليمن إلى رسول الله ﷺ في العام السادس من الهجرة وكان الړسول يستقبل الوفود من القبائل والقرى ليتعلمون ما يتيسر لهم من القرآن الكريم ثم يعودون إلى بلادهم وكان رسول الله ﷺ لما يعلم من يأتون إليه ما تيسر من القرآن والسنة وعند انصرافهم يهدي كل منهم هدية فحل وفد اليمن إلى الړسول صل الله عليه وسلم ومعهم حدير وكان أصغرهم فجعلوه يجلس مع الإبل يراعيها وإنهم سيبايعون له النبي صل الله عليه وسلم فدخلوا وبيايعوا الړسول وأعطاهم هداياهم ونسوا حدير تماما ونساه رسول الله صل الله عليه وسلم وكانوا قد اعلموه بحدير وإنه في الخارج برفقة الإبل وتلهوا هم بهدايهم... كان حدير يجلس بجانب الإبل يذكر الله عز وجل يردد سبحان الله الحمد لله لا إله إلا الله الله اكبر.
أخذ بلال نفسا عمېقا ثم استرسل
_انطلق الوفد ومعهم حدير في آخر الركب وبينما هم ينطلقون كان فارس يعدو مع فرسه خلفهم يسأل عن حدير فلما عرفه أخبره إن رسول الله صل الله عليه وسلم يقرؤه السلام ويرسل له هديته..
فتعجب حدير!
كيف علم الړسول عنه!
من أنبأه إنه لم يأخذ هدية
فأخبره مرسل الړسول إن جبريل أتى الړسول وقال له إن الله يخبره أن لا
متابعة القراءة