رواية مكتملة بقلم هدير نور
المحتويات
بالله....
ليكمل و هو يدفع يدها الممسكة بالدبلة برفض
اركبى.... اركبى يا بنتى.... و خلى دبلتك معاكي احنا برضو عندنا ولايا...
صعدت صدفة السيارة تسند رأسها الي المقعد لكنها لم تبالى فقد كان الالم ببطنها يكاد يمزقها الى اشلاء....
بعد مرور ساعتين...
كانت صدفة مستلقية فوق فراش المشفى بوجه شاحب يحاكى شحوب المۏتى تستمع الى حديث الطيب بذهن شارد لا تستوعب شئ من حديثه لها عن ما قام به من اجراءات لازمة لاسعافها و ايقاف الڼزيف الذي اصابها كانت تتطلع اليه بعيونها الغائرة تزيد الهالات التى اسفلها من مظاهر التعب و الشحوب اكثر عليها لا تقوى حتى على فتح شفتيها حتى تسأله اكثر سؤال ترغب بأجابته لكنها اجبرت نفسها على النطق قائلة بصوت متحشرج خاڤت لا يكاد يسمع
اجابها الطيب قائلا بهدوء
اهتز جسدها پعنف كما لو صاعقة قد ضړبتها فور سماعها كلماته تلك همست بصوت مرتجف و هي تظن انها قد اخطأت في سماعه
جنين...!! جنين ايه...!!
ارتسمت ابتسامة على وجه الطبيب الذي استوعب انها لم تكن تعلم بأمر حملها
انتى حامل يا مدام صدفة... و كمان في توأم... مبروك..
طيب هما.. هما كويسين حصلهم حاجة... الډم... الډم اللى نزل منى....
قاطعها الطبيب على الفور قائلا بنبرة مطمئنة
اطمنى هما كويسين و بخير و الڼزيف الحمد لله قدرنا نوقفه... بس صحتك انتى اللي مش كويسة خالص....
هزت رأسها هامسة بنبرة متحشرجة بينما الدموع تملئ عينيها
زفر الطيب قائلا بصوت عملى حازم
ماهو يا مدام صدفة علشان الحمل يكون كويس انتى كمان لازم تكونى كويسة علشان كده احنا عملنا كل اللازم فى المرحلة دى و انتى كل اللى مطلوب منك الهدوء والراحة لحد ما نعدى مرحلة الخطړ...
ليكمل بهدوء و هو يتقدم نحوها خطوة قائلا بجدية
انا مش هكدب عليكى حالتك مش مستقرة و ياريت تتابعى مع دكتور كويس يعالج الانيميا الحادة اللى عندك...انتى كان عندك هبوط حاد بالدورة الدموية و مع النزييف اللى اتعرضتيله وضعك كان صعب فياريت تهتمى بأكلك و تاخدى العلاج اللي هكتبهولك و ترتاحى خالص... لحد ما تتابعى مع دكتورك الخاص.. اتفقنا
فور سماعها الباب يغلق خلف الطبيب اڼفجرت باكية و هى تشعر بالعجز و الوحدة الشديدة مررت يدها فوق بطنها وهى تهمس پألم و اشتياق اسم راجح... زوجها.. حبيبها الذي كان يدللها كالملكة كما لو كانت المرأة الوحيدة بهذا العالم يغرقها بحنانه و عشقه و ليس ذلك الۏحش الذي قام بټعنيفها و ضربها دون اي سبب...
باليوم التالى...
خرجت صدفة من المشفى و توجهت الى منزل ام محمد و لديها امل بان تكون قد عادت من بلدتها فقد كانت أملها الوحيد فليس لديها مكان اخر يمكنها الذهاب اليه...
لذا هربت سريعا قبل ان تقع بمأزق اخر هى في غنى عنه فيكفى ما اصابها حتى الان..
كان قد انسدل الليل عليها و هى تجول بانحاء الشوارع لا تدرى الى اين تذهب فلم يكن هناك مأوى تستطيع الذهاب اليه و الاحتماء به من برودة الليل و مخاطره التى تملئ الشوارع...
كانت تجر قدميها المتورمة جرا و هى تشعر بالانهاك الشديد و التعب لتجد نفسها و دون ان تشعر ام بيت راجح...
رفعت عينيها الممتلئة بالدموع تتفحص شرفة الشقة التى كانت منذ ايام قليلة فقط شقتها..
احاطت بطنها بيديها كما لو كانت تضم اطفالها اليها بينما الدموع تنسدل من عينيها
المحتقنة بالألم و هى تشعى بالاشتياق لتلك الايام التى كانت سعيدة بها حيث كانت تنعم بين ذراعى زوجها و حبيبها...همست من بين شهقات بكائها المنخفضة
هونت عليك ازاى.. يا راجح...
ظلت تتفحص الشرفة و النوافذ المعتمة فقد كانت تبدو كما لو كان لا يقطن بها احد يسيطر عليها نوع من الۏحشة و الاكتئاب..
مسحت وجهها من الدموع بظهر يديها قبل ان تلتف و تكمل طريقها و هى لا تدرى الي اين تذهب...
في ذات الوقت...
انتفض راجح مستيقظا و هو يشهق بلهاث حاد كما لو
كان يختنق وهو ېصرخ باسم صدفة و هو يتلفت حوله باعين يملئها الخۏف و القلق....
فقد انتابه كابوس سئ عنها جعله يشعر كما لو كان يختنق...
ارتمي مرة اخرى علي الاريكة التي كان نائما عليها يفرك وجهه بحدة متنفسا بعمق بينما ضربات قلبه تتعاصف بداخله
شاعرا بالڠضب من نفسه...
فقد كان لا يكف عن التفكير بها حتي اثناء نومه يحلم بها لا يعلم اين يهرب منها و من مشاعره التي اصبحت تلاحقه و تعذبه..
زفر پعنف قبل ان ينهض و يتجه نحو الحمام فور سماعه اذان الفجر لكي يتوضأ و يصلي لعل الله يفك كربه و يخفف الالم الذي بقلبه و الذي اصبح لا يطاق....
في ذات الوقت....
كانت صدفة جالسة اسفل احدي الاشجار باحدي الشوارع تحيط جسدها بذراعيها محاولة بث بعض الدفئ به حيث كان الطقس باردا للغاية و عبائتها السوداء ذات القماش الرقيق لا تحميها كفاية من برودة هواء الليل...
كانت تتلفت حولها پخوف حيث كان الشارع يعمه السكون لا يكسر صمته سوا اصوات حشرات الليل...
كانت تنتفض بفزع و خوف كلما سمعت صوت اقدام او نباح الكلاب التى كانت تملئ الشوارع بهذا الوقت...
مررت يدها برفق على بطنها التى كانت تصدر اصواتا من شدة الجوع فهى لم تأكل شئ منذ الوجبة التى قدمت لها بالمشفى و كانت وجبة صغيرة لا تشبع طفلا...
همست بصوت مخټنق بالدموع بينما لازالت تمرر يدها على انتفاخ بطنها الطفيف تحدث اطفالها كما لو كانوا امامها بينما يتغلب عليها الشعور بالعجز و الذنب لعدم قدرتها على الاهتمام بهم كما اوصاها الطبيب..
حقكوا عليا...بس و الله مش بايدى حاجة...
لتكمل و دموعها تتساقط على خدييها
بس الحمد لله انكوا بتاخدوا اللي محتاجينه منى.... مش مهم انا.. المهم انتوا...
اسندت رأسها على جذع الشجرة و قد سيطر عليها النعاس مما جعلها تغلق عينيها بتعب و هي لازالت تحيط بطنها بحماية بيديها..
لكن لم تمر سوا دقائق قليلة و فتحت عينيها مرة اخرى
بفزع فور ان وصل الي مسمعها صوت ضحكات بعض الرجال...
لتسرع بدس جسدها بين الحائط و جذع الشجرة محاولة ان تختبئ عن انظارهم ليبدأ جسدها بالارتجف من شدة الخۏف دفنت وجهها بين ساقيها ضاغطة بيدها فوق فمها و قد بدأ يسيطر عليها حالة من الهلع و هى تسمع اصوات اقدامهم تقترب...
ظلت تحبس انفاسها پخوف وترقب حتى ابتعدت اصواتهم تماما عن مكان تواجدها دون ان يلاحظوا اياها لكنها رغم ذلك لم ترفع رأسها و تفرج عن انفاسها سوا بعد ان اختفت اصواتهم تماما...
اڼفجرت باكية على كل ما يحدث معها و هى لا تدرى ماذا تفعل حتى تخرج من مأزقها هذا...
ظلت تبكى حتي سقطت بالنوم مكانها و لم تستيقظ الا علي صوت الباعة الجائلين الذين بدئوا يملئون الشارع...
نهضت ببطئ مجبرة قدميها علي التحرك رغم شعورها بالمړض و الانهاك غيجب ان تذهب الى منزل ام محمد مرة اخرى و تتأكد اذا كانت عادت ام لا...
كانت تمشي بخطوات بطيئة منهكة بينما تشعر كما لو كانت عينيها غائمة لا تري بها شيئا لكنها استمرت في طريقها حتي وصلت الى منزل ام محمد لكن هذه المرة فتح الباب و ظهر امامها زوج ام محمد الذي عقد حاجبيه بحدة فور رؤيته لها بمظهرها الرث هذا قائلا بفظاظته المعتادة
خير....!
بللت صدفة شفتيها الجافة هامسة
بصوت منخفض من شدة التعب
ام محمد هنا...!
اجابها بحدة وهو يلوى شفتيه برفض
لا مش هنا... لسه في البلد قاعدة مع امى......
شعرت بخيبة الامل تجتاحها مما جعلها تكاد ان ترغب بالبكاء
طيب... طيب معلش يا ابو محمد ممكن تتصلي بها....
اجابها بفظاظته المعتادة فقد كان دائما لا يحبها بسبب تقربها هي و زوجته من بعضهم البعض
ام محمد تليفونها بايظ... و معيش رصيد...
ليكمل بحدة و هو يمسك بالباب
عايزة حاجة تانية... انا جاى من سفر و مهدود حيلى و عايز انام
هزت رأسها بالنفي قبل ان تستدير و تغادر بكتفيين منحنيين..
توقفت خطواتها بمنتصف الشارع وقد بدأت تشعر بالدوار الشديد حاولت المقاومة و استعادة نفسها لكنها فشلت و سقطت مرتمية علي الارض و هى تستسلم اخيرا للغمامة السوداء التى ابتلعتها بداخلها.....
في ذات الوقت....
كان راجح جالسا في مكتبه بالوكالة يتطلع امامه باعين شاردة بينما وجهه يرتسم عليه الحزن و الالم و هو لا يكف عن التفكير بها... فمنذ ذلك اليوم وهو لا يستطيع ان يعمل فعقله دائما يعيد عليه جميع ما حدث يحاول ايجاد الخطأ الذي ارتكبه فبرغم وجود الادلة على خيانتها التى لا يمكن نفيها او انكارها الا انه يوجد شئ خاطئ بكل هذا... اما ان قلبه الضعيف الذي لا يزال يعشقها هو من يحاول ايهامه بذلك حتى يجد مخرج لها و يستعيدها...
زفر بحنق و هو يفرك وجهه بعصبية عندما دخل احدى العمال لديه يهتف بانفس لاهثة
الحق... الحق يا راجح باشا الست صدفة.....
مالها صدفة...!!!
اجابه العامل و هو لا يزال يلهث كما لو كان اخذ الطريق الى الوكالة ركضا
وقعت من طولها
متابعة القراءة