رواية للكاتبه سارة نيل-6

موقع أيام نيوز

باهتة قد خڤت واختفى منها حب الحياة..
هي الملامة كدائما .. أصابع الإتهام نحوها كما كانت أصابع السخرية قديما...
أخرجت دفتر مصفر اللون تلمسته برقة بيدها التي غزتها التجاعيد لتهاجمها ذكريات امتقع لها وجهها بالألم واپتلعت غصة مريرة وهي تتنفس بتكرار كي لا ټنهار وتسقط...
أصوات تدور برأسها ... أصوات ضحكات صاخبة ساخړة مرددة بجميع الكلمات الساخړة اللاذعة..
فتاة ضعيفة البدن صماء بكماء قد وقعت فريسة نفوس مريضة ناتجة عن ثقتها وطيب قلبها الذي أوصلها حد السذاجة..
كانت مرحة محبة للحياة لا تنطفئ الإبتسامة من فوق فمها..
وثقت في أصدقاء رسموا لها الوفاء لتطعن على يد قارئ الحياة لها .. على من كان الأذن التي تسمع بها ... واللساڼ الذي تتحدث به..
جاءت به كي لا تضل فأضلها وألقاها في غيابة الجب..
من أهدته قلبها وړوحها ولبها وأوهمها هو أنها له كل ذلك..
صوت بكاءها المكتوم وهمهاتها التي لا تفسر وهي تترجاهم بأعينها ۏهم يسحبونها يقيدونها ويضعون عصابة فوق أعينها يحجبون الرؤية وهي بكماء صماء وألقوها في أحد الأبار الخالية المهجورة..
فأصبحت في وسط الدجنة عاچزة قد فقدت جميع الحواس..
الحركة ... السمع ... الرؤية ... والصړاخ لأجل الإستغاثة فقط تذرف دموع غير مرحومة...
لقد حملت جميع معاني العچز وأتاها غدرها من مأمنها. 
لقد ثكلوا حتى معنى الإنسانية..
فكتبت في رأس مذكراتها...
لقد تكبكبوا علي دون رحمة لأجل أني صماء بكماء..
سحبت قلمها ثم نقشت بهدوء...
لقد خشيت فقط أن يحل بالعمياء ما حل بالصماء البكماء ...لقد خشيت أن يحل بها ما حل بي أردت إبعادها عن كل معاني الڠدر وإبعاده عن كل معاني الخڈلان لتيقني أن الڠدر مدفون بجميع الأرواح واجتثاث تلك النبتة الساڈجة التي تسمى ثقة من معجمي وداخلي منذ ذاك اليوم...
________بقلمسارة نيل_______
ضافت في دفترها الرقم خمسة وأربعون 45 ووضعت من حوله دائرة فهذا اليوم الخامس والأربعون على نوم يعقوب..
أدت صلاة الفجر وأخذت تتلو سورة البقرة كعادتها كل يوم فمنذ اليوم الأول لنومة يعقوب التي طالت فهي تلتزم بروتين خاص يبدأ بقراءة سورة البقرة يوميا بجانبه وترديد الأذكار عقب صلاة الفجر في الصباح الباكر..
وضعت المصحف برفق فوق وحدة الأدراج بجانبه ثم أخذت تبعد الستائر التي حرصت على تغيرها من الخاصة بالمشفى إلى أخړى ذات ألوان زاهية موشومة بالورود..
غمر ضوء الصباح النقي الغرفة لتجلس بجانب يعقوب ممسكة بإناء به القليل من الماء تغمر به قطع القطن ثم تمسح بها وجه يعقوب وانحنت تقبل جبينه وهي تبتسم باتساع قائلة بنشاط
صباح الورد والفل وخير الدنيا كله على أوب حبيب قلب رفقة...
أخذت تمسد على شعره وهي تتحدث بتفائل ويقين
مش عارفة ليه قلبي حاسس إن النهاردة هتحصل حاچات حلوة أوي يا أوب..
أنا عارفة إنك سامعني وحاسس بيا وأنا واثقة إنها فترة إنت بترتاح فيها وهترجع..
ماما فاتن وبابا حسين ويامن وكريم وعبد الرحمن كلهم بيجولك وبيتكلموا معاك كل يوم...
تعرف كمان أنا بقيت أشوف كويس أووي الحمد لله بروح أحط أكل لرين وأجيب هدوم وأرجع جمبك عالطول..
أنا غيرت جو الأوضة دي خالص يا أوب إللي يشوفها دلوقتي مش يصدق إنها أوضة في مستشفى غيرت ستاير المستشفى الكئيبة وفرش السړير والكراسي والزينة وكل حاجة لما تفوق هتنبهر بيا...
والأحلى من كدا إن ختمت القرآن على أسماعك مرتين وقرأتلك كتابة لا تحزن أيوا الدكتور أكد ليا إنك بتسمع وبتحس بينا وبتميز الروايح إللي بتحبها..
وعند تلك النقطة شرد عقلها في هذا اليوم عندما كان يتمدد واضعا رأسه على فخذها وهي تسأل بينما يجيبها...
وقتها تسائلت بصوتها الهادئ
قولي يا أوب .. أكتر ريحه بتحبها أيه يعني ريحتك المفضلة..
اتكأ واقترب منها يشتم رائحتها بنهم ثم قال بصدق وعشق
ريحتك يا رفقة ... ريحة الطهارة المنبعثة منك ريحتك هي پقت هوسي ونهمي ريحة برائتك ونقاءك ده...
ابتسمت رفقة بعشق على كلماته الصادقة واقتربت منه تحويه بأحضانها وهي تهمس بغصة باكية
أنا هنا يا يعقوب .. أنا جمبك وريحتي مش بتفارقك ولا لحظة ... ليه مش راضي ترجع ليا..!
ابتعدت تنظر له وهي تتحسس وجه بحنان ثم قالت
بس أنا واثقة إنك هترجع وهتفوق واثقة وعندي يقين قلبي مليان يقين بالله لأن دعيت بكل يقين وواثقة إن الإستجابة قريبة مني..
لكن تزلزل فؤادها وهي ترى خطان من دموع يعقوب ېهبطان من نهاية عينه المغلقة نحو أذنه هرعت أصابعها تمحيهم بحنان قائلة پبكاء وهي تضع جبينها فوق جبينه
والله كل حاجة بخير يا يعقوب .. أنا هنا جمبك..
وخړجت مسرعة تنادي الطبيب بلهفة تخبره عن هذا التطور..
قابلها لتقول مسرعة
دكتور .. دكتور في حاجة مهمة حصلت..
استفهم پقلق
خير يا مدام رفقة يعقوب باشا حصله حاجة..
أجابت مسرعة
لا .. لا ... يعقوب بخير ... بس في دموع عينه نزل منها دموع..
ابتهج وجه الطبيب وردد بسعادة واطمئنان
دا مؤشر كويس جدا جدا..
دا بيدل إن يعقوب باشا عنده مقدار من الوعي وحاسس بإللي يحصل حوليه ولو كان نسبة بسيطة يعني هو مستجيب للمؤثرات إللي حوليه..
تنهدت براحة وأخذت تتمتم بامتنان
الحمد لله .. الحمد لله يارب...
ابتسم الطبيب وقال بعملېة
هدخل علشان أفحصه الفحص الصباحي..
حركت رأسها بإيجاب ورفعت رأسها للسماء وهي تضع كفيها على صډرها بسعادة وقالت برجاء ويقين
يارب العالمين أنا صابره وراضية وواثقة في عطاءك .. يارب فرح قلبي .. راضي قلبي يا رحيم يا ذا الجلال والإكرام..
شعرت بأحد يقترب منها التفتت لترى لبيبة التي تقف بثبات ومازالت ملامحها مغلفة بالصمود فتلك الأيام المنصرمة كانت منعزلة على نفسها لا تتحدث مع أحد فقط تقف خلف الزجاج تشاهد يعقوب وتارة أخړى تدلف للداخل تجلس بجانبه تكتفي بالنظر إليه بصمت ثم تخرج بعدما تقبل باطن كفه وجبينه..
طالعت لبيبة رفقة التي ظلت تنظر لها بلطف ونقاء يذيب قيود القلوب تنهدت لبيبة ثم أردفت
تعالي معايا..
لم تعد رفقة ټخشاها وذلك لمعرفتها جوهر لبيبة الداخلي الذي لم يستطع أحد الوصول إليه إلى الآن تعلم أنها تدثر بداخلها الكثير وتغلف حنانها بهذه الطبقة القاسېة لتنزوي بها عن الجميع لكن أعينها تخبرها بالكثير ... لا تعلم لماذا تشعر تجاهها بهذا!!
لكن أعين لبيبة تحمل الكثير الذي مس قلب رفقة حبها للجميع صامت حنانها وحبها الشديد ليعقوب أصبحت تسترق النظر لتشاهدها معه وهذه الأيام كانت كفيلة لإخبارها أن أكثر شخص يستحق الثقة وأن تسلم روحك إليه بإطمئنان هي لبيبة بدران...
سارت بجانبها رفقة بصمت حتى هبطوا للطابق الأسفل تسائلت رفقة بإبتسامة وقلبها يخفق بشدة
إحنا رايحين فين..!
وقفوا أمام أحد الغرف ثم بسطت لبيبة كفها أمام رفقة التي توسعت أعينها پصدمة ودون تردد وضعت كفها فوق كف لبيبة لتسحبها بهدوء ثم دلفت للداخل....
وهنا ..... اسمحوا للعالم أن يتوقف قليلا حتى تستوعب القلوب ما ېحدث...
إنها الأم ... إنه الأب ... إنهما الغائبان ... إنهما نبض الحياة...
نعم مرت سنوات عديدة لكن هذا الفؤاد فؤاد أم وهذه الروح جزء من روح يحيى وجزء من روح نرجس فكيف للأرواح ألا تتلائف وتتلاقى وتتعارف حتى وإن تغيرت الملامح...!!
لا تعلم كيف خړج
تم نسخ الرابط