رواية مكتملة بقلم ايناس محمود -5
المحتويات
.. إلا أن لمعة عينه وابتسامته الخبيثة أكدت لها بأن الأمر لن يعجب أخاها .
وها هى الأن تغوص وسط أكوام متراكمة من الأوراق التى تحاول جاهدة الوصول معها إلى حل .
أنتبهت إلى صوت هاتفها الذى يعلن عن إتصال أحدهم ألقت الأوراق جانبا وأمسكت بالهاتف لتفتح الخط فينساب إلى سمعها صوتا غريب لأول مرة تسمعه كان صوتا رجولى جمع بين القوة والصلابة مع قسۏة إستشعرتها فى كلماته التى تقطعت بضحكات الإستهزاء المزدرية .
ياسين عماد .. ابن عم حضرتك اللى إتقدملك من فترة قريبة وللأسف هو اللى رفضك مش أنت .. بس اللى متعرفهوش أن ياسين رجع لحبيبته الأولى والأخيرة فى ظنى .. ريماد شولين البنت اللى كانت بتشتغل فى شركته وآخر مرة شوفتيها كانت يوم ما أتخانقت مع ياسين وسابت الشركة بعدها ياسين أتغير وأنت أتجوزتى حسان الأعصر اللى لبالغ أسفى طلقك فى يوم فرحكوا .
ولبالغ أسفى للمرة التانية .. أنت وقعتى غلط فى تانى راجل او تالت للأدق فى حياتك .
الأول سيف اللى عشتى معاه حب من طرف واحد والتانى حسان أعتقد أنه أقذر راجل فى حياتك والتالت ياسين أضعف واحد مر عليك .
إلى لقاء قريب يا رغودة .
وأنتهت المحادثة الهاتفية بإغلاق المتصل الهاتف مع وعد بلقاء قريب !!
طوال تلك المحادثة التى كانت تشرح تفاصيل حياتها بدقة غير غافلة عن أى حدث كانت الصور تتدافع إلى عقلها ...
سيف وحب من طرف واحد ..
حسان وزواج فاشل وطلاقها ليلة الزفاف طلب حسان المتعجرف بأن تعود له ... لقائها الأخير معه .
كل تلك اللحظات تدافعت إلى عقلها پعنف تعصف به والذكريات تعود بأشد منها وطئا .. وتعود الدموع لتحفر مجراها على وجنتاها .. ويعود نفس الشعور بالخذلان والتعب يتملكها ..
لا تعرف كم مضى من الوقت وهى تبكى .. فقط تركت المجال لنفسها كى تندفع فى بكاء بلا هوادة .
لتنتفض من شرودها على صوت طرقات هادئة على باب غرفتها تلاها دخول السكرتيرة تحمل علبة مناديل !
قدمت لها العلبة قائلة بهدوء
_ فى حد بعت دى لحضرتك .. وقال أنك لازم تستلميها فى الوقت ده لأنك محتجاها .
أمسكت العلبة بيدا مرتعشة لتقلبها حتى عثرت على أسم مكتوب بخط كبير المغيرى
المغيرى ....
دار الأسم بخلدها طويلا بينما عينيها لم تبتعد عن الأسم وكأنها تحفظ تقاسيمه .
لتوها أنتبهت إلى شئ .. من ذلك الذى حدثها .. وكيف يعرف كل هذا عن حياتها ! بل كيف تسلل إلى ذاتها وعرف مشاعرها .
حبها الصامت لسيف لم تخبر به أحد قد تكون زهور قرأته فى عينها إلا أنها لم تفصح عنه شفويا ..
اما بالنسبة لحسان فهى تزوجته رضى لوالدها ولضياعها التام وتحكمات والدها بها .. وياسين .. ياسين كان الضړبة التى إستشعرتها تهشم ما بقى منها .
هى لم تطلب حبه .. لم تطلب منه أن ېكذب .. لم تطلب أن يوهما بأنه كذلك .. لم تطلب منه أن يتزوجها ليستر عليها ويوارى ڤضيحة زواجها .. ابدا هى لم تطلب منه ذلك ولكنه فهم هذا وأراد أن يقدم لها ما تريد ففشل بقوة
المغيرى تسلل إلى حياتها ببطئ وبشفافية تامة .. حتى ما عادت تعرف ماذا تفعل
ما الخطوة التالية .. وهل هى من نصيبها أم من نصيبه .
يبدوا أنه له فهو قال بأنه سيأتى غدا ببداية عهده .
ف لنرى ما هو عهدك يا مغيرى .
وضع رأسه بضعف وقلة حيلة لم يملك سواهما بين يديه .. تهدل كتفاه بهزيمة .. سقطت كل معانى الحيوية من حوله ..
فقط ترك لروحه الضعيفة أن تتملكه لا ينقصه سوى البكاء الذى لا يراه غاليا عليها ولكنه لن يستطيع .
حين فارقتك لم أعلم بأنه الفراق الأخير
حين أحببتك لم أعلم بأنه الحب الأخير
أترانى مهوسا بك ... أم مچنونا إن فكرت بالعيش من دونك
أحبك يا من سلبتى كل ما أملك ورحلتى .
أحبك يا لؤلؤئة الدمع فى عينى
أحبك يا نفحات الصيف فى شتاء قارص
أحبك يا جوهرة لم يمسها سواى
أحبك يا من أبكيتى العين وهربتى
أحبك وأنتهت القصة .
رفع رأسه ثانية ليلاقى عينا صديقه المټألمة لألمه لم يستطع أن يتماسك بعدما سمع .. لم يستطع أن يحافظ على رباطة جأشه .. لأنه ببساطة تعب .
سمع صوت صديقه الذى إقترب منه قائلا بقلق
_ قصى أنت كويس
رفع قصى عيناه لصديقه الواقف بجوار فقال بهدوء محاولا التماسك
_ كويس يا أحمد .. كويس .
جلس صديقه قبالته ليقول بأسف
_ آسف يا قصى على اللى سمعته أنا حاسس باللى جواك .. نفسك مقسومة لنصين واحد مصدق اللى بقوله والتانى بيكذبه بس الحقيقة واحدة واللى قولته هو الصدق .. وأنت لازم تتأكد بنفسك .
ابتسم قصى بمرارة .. بلى كما قال صديقة نصفه يصدق والآخر ېكذب لكن لما ېكذب وهو يعلم بأنه الصدق ويعلم بأن والده قادر على كل ما فعل .
همس پألم خاطته كلماته المتقاطعة
_ مۏت غنى كان قضاء وقدر زى ما كنت متوقع فى الأول مكنتش مصدق ومصډوم .. لكن بعدها بدأت أصدق وأتعايش مع الحقيقة لحد ما صدمنى كلامك .
مۏت غنى مدبر .. بسيطة العبارة جدا وتكملة ليها .. الفرامل أتلعب بيها والعربية اللى خبطتهم من ورا كان سواقها مدفوعله علشان يعملها .. وأنت مسكت السواق وأعترف وقال أن مختار باشا هو اللى دفعله !
أنهى كلماته بتنهيدة طويلة مټألمة ليقترب صديقه مربتا على كتفه بمواساة .
نهض قصى فجأة فأجفل صديقه مرتدا إلى الخلف ليجد قصى يلتفت له بهيئة تناقض تلك التى تملكته منذ لحظات .
لقد بدا هائجا كثور ينتظر الإشارة الحمراء كى يندفع .. عيناه أنبثق منها وهج أحمر من شدة غضبه .
تحدث قصى قائلا بصوت خاڤت لم يعطى إنطباع سوى شدة غضبه
_ عاوز أقابل صاحب العربية اللى خبطت عربية والد غنى .
اومأ له صديقه قائلا
_ تمام .. بس متتهورش يا قصى .
لا يتهور !! لم يعد لتلك الكلمة معنى فى قاموسه بعدما حدث !!
إتجه ناحية باب الشقة ليقول بعجلة
_ يلا يا أحمد مش هستناك .
زفر أحمد بعدم راحة .. بالطبع قصى سيخلف توقعاته .. مثلما أنهزم بشدة فى تلك اللحظة منذ قليل .. سيتهور فى اللحظة القادمة لا محالة .
متابعة القراءة