رواية للكاتبه نورا سعد-2

موقع أيام نيوز

يقول
حمد على السلامة.
وضعت الحقائب على الأرض وهي تتنفس الصعدأ نظرت له وبتجهم كانت تقول له
أنت رجعت متصلتش يعني!
نهض من مكانه وترجل نحوها اقترب منها وطبع قبلة على جبهتها وهو يقول لها
حبيت أعملهالك مفاجأة.
نظرت له بتعجب من أفعاله ولم تعقب فقط ابتسمت له بتوتر وقالت
حمد الله على سلامتك يا عامر هروح أعملك أكل أكيد جعان.
ابتسم لها وقال
أوي وكمان وحشني أكلك أكتر.
ابتسمت له ثم أخذت حقائبها وترجلت للمطبخ كانت تريد أن ټتشاجر معه بسبب تركه لها كل هذه المدة دون أن يسأل عن أحوالها ولكنها أجلت الشجار في هذا الوقت من الواضح أن مزاجه جيد الآن فلا داعي لتعكيره!
وأثناء تحضيرها للطعام سمعت صوت رنين هاتفها وعلى غير العادة كان عامر يحمل الهاتف في يده وآتي لكي يعطي لها ابتسمت له وشكرته وأجابت على المتصل الذي لم يكن غير صديقتها سلمى بعد السلامات سمعتها تقول لها
بقولك إيه ما تيجي نتقابل في حاجات كتير لازم أقولهالك.
وبهدوء كانت تقول لها
مش هينفع ياسلمى عامر رجع من السفر النهاردة خلينا بكرا ونتكلم في الدار.
حمد الله على سلامته خلاص أشوفك بكرا.
ثم ودعتها وغلقت معها الهاتف وواصلت تحضير الطعام.

أشرقت شمس يوم جديد يحمل في طياته أمال الصغار والكبار معا كان كل شخص مستيقظا والحماس يغمره بشكل ملحوظ لسبب مختلف كان وراء جدران أزهار المستقبل البراعم الصغيرة وهي تلهو في الحديقة وسط الأشجار والعشب الذي يحتضن المكان من كل اتجاه كان هناك مالك وياسين يلهيا سويا برفقة أصدقاءهم الذين يرافقوهم تلك الرحلة ولكن كان سمير يجلس بمفرده بعيدا عن زملاءه كان يجلس يضم ركبتيه لصدره وكأنه هكذا يحمي نفسه من العالم! كان يحملق في نقطة هاوية في الفراغ ويفكر في أمره ولكن سلمى اقټحمت المنطقة التي كان منعزل فيها عن العالم من وجهة نظره وجلست بجواره استدار لها ونظر لها بتعجب ارتسمت على وجهه تلقائيا علامات الأمتعاض وعدم الرضا ولكن هي لم تهتم له جلست بجواره القرفصاء وعلى وجهها ابتسامة هادئة ثم حيته جاءها رده جاف بعدما نظر لها عاد يحملق في الهواء من جديد أما هي فنظرت لذات النقطة التي كان ينظر لها ثم قالت له وهي مازالت تنظر بعيدا عنه
قولتلك أني من النهاردة مش هسيبك وهتكون صاحبي وهساعدك ليه مستغرب أني جيت ليك النهاردة
دحرج مقلتيه عليها ضيق عيناه ثم قال ساخرا
عشان محدش بيكون قد كلامه! وبعدين مين حمل أنه يشيل مسؤلية وۏجع دماغ حد زي ما كل واحد فيه اللي مكفية.
كانت تنصت له وهي تعطي له كامل تركيزها بكل حواسها بعدما انتهى من حديثه المنفعل ابتسمت هي بهدوء وهي ترفع أحدي ساقيها وتسند عليها بذرعها لكي تتكئ على خديها وقالت
بس ده شغلي ببساطة يا سمير شغلي أني أفضل جمبك لحد ما السم ده يخرج من جسمك شغلي أني أفضل جمبك لحد ما تكون زي الفل.
اعتدلت في جلستها ثم اقتربت منه أكثر وهي تسرسل ونبرتها تحمل في طياتها الأسى والحزن عليه
اللي فيك ده يا سمير حزن من العالم أنت زعلان من العالم وفاكر نفسك كده بت نتقم منه ومتعرفش أنك بتنت قم من نفسك!
تمردت دموعه عليه وعلى تماسكه الزائف وفي طرفة عين كان ينهار كليا أمامها! وضع كفتا يده على وجهه لكي يخفي ضعفه عنها وأجهش في البكاء أدمعت عينيها عليه أقتربت منه ووضعته داخل أحضانه وكأنها هكذا تحميه عن العالم ظلت تربت على ظهره بحنو وهي تهون على قلبه المسكين بكلمات لينة لعلها تطيب خاطره وتداوى ندوب قلبه بعد فترة سكن في أحضانها كفكفت هي دموعها أولا ثم خرجته من أحضانها ومسحت له دموعه بأناملها ابتسمت له بصفو وقالت له بحماس لا تعلم ما مصدره
العياط مش هيعملنا حاجة أنا دلوقت عايزة أعرف كل حاجة عن صاحبي صاحبي مستعد يحكيلي ولا هيتكسف ويرجع يبحلق في الشجر تاني
قالت كلماتها بطريقة مازحة وهي تعود لجلستها الأولى من جديد ابتسم لها رغما عنه ورغم أن ملامح وجهه يرتسم عليها الأرهاق ومعالم الحزن تظهر عليه چليا كوضوح القمر في يوم داكن ولكن ابتسامته العاذبة أعطته بريقا خاص وكأن الروح عادت لجسده من جديد! 

وفي مكان أخر كانت ليلى تجلس برفقة ياسين في الغرفة الخاصة بها هي وصديقتها فبعدما اجتازت سلمى نحو سمير ترجلت هي نحوياسينوطلبت منه أن يلحقها في مكتبها لأنها تريده وعلى الرحب عكس المرة السابقة لاحقها سريعا كان الطفل سعيد ولأول مرة بحديثه مع أحد هكذا وكأنه ألتمس في حديثها بأنها مهتمه بحق! عكس كل من كانوا يتحدثون معه هنا وكأنه متهم وعليه أن يجيب على كل اسئلتهم رغما عنه دون الأهتمام لمشاعره التي تتآكل مع كل حرف يتفوه به كان يشعر كأنه مسكين يفترش الشوارع في الشتاء القارس وما يحمي جسده من البرودة القاسېة هو فراش قديم متهالك وكلما تحدث ونبش في الماضي كلما يزيح الفراش من على جسده والبروده تنهش في جسده الضعيف! وهم غير مكترثين بما يحدث له كل ما يهمهم أنه يرضي فضولهم فقط! ولكن هي كانت مختلفة لم وفي ماذا بالتحديد هو لا يعلم! لكن قلبه مطمئن عكس كل المرات السابقة! 
كان يجلس أمامها على الكرسي الخشبي وفي يده مشروب حليب بالشكولاتة السوداء أحضرته هي له لكي يتحدث معها بمزاج هادئ انتظارته حتى انتهى من مشروبه ثم ابتسمت له وقالت
جاهز نتكلم سوا شوية
هز هو رأسه بحماس وعلى ثغره ابتسامة لطيفة ابتسمت له في المقابل وبدأت في طرح السؤال الأول عليه
قولي الأول أنت عندك كام سنة
13 سنة.
قالها بهدوء وهي استرسلت اسألتها وقالت
كنا وقفنا المرة اللي فاتت أنهم بيستغلوكم عشان التبرعات وإيه تاني يا ياسين 
نظر هذه المرة في نقطة فارغة أمامه وكأنه يتذكر ما كان يحدث لهم أو دعنا نقول كان يستحضر تلك الذكرى السوداء بالتحديد من صندوق ذكرياته الذي سبق وغلقه بمئات من الأقفال الحديدية لكي يواصل حياته في سلام وليته هكذا نجح في الأمر في كل مرة كان يحدث أي شيء ويذكره بما بمضى يكتشف أن الأيام لم تمضي وأن الندوب لم تشفى والذكريات لم تتنسى!
خرج من تلك الدوامة على صوتليلىوهي تكرر سؤالها بينها هو فغلق عيناه بصعوبة ثم فتحها مرة أخرى وهو يضغط على كف يده وبدأ في قص الجزء المظلم الخاص بحياته قائلا
الموضوع منتهاش معاهم هنا وبس الموضوع كان كل فترة يكبر منهم وقدام عنينا كان وقتها أي حد من صحابنا لما حد بيتبناه بيكون بالنسبالنا يوم فرح أصل حد من اخواتنا هيترحم من اللي هيحصل فأزاي منفرحش
كانت تعطي له كامل تركيزها أومأت له وبلهفة سألته
وبعدين
تنهد هو بعدما أتخلى عن الضغط على كفة يده وبدل تلك الحركة بالفرك في كلتا يداه وهو يواصل
لحد ما في يوصل جالنا صاحبنا اللي حد أتنباه وهو حرفيا
تم نسخ الرابط