روايه لُلكاتبه نورا سعد -1
المحتويات
له بحزن ودموعه على وشك الهبوط اقتربت منهم ليلى بهدوء ثم سألت مالك قائلة
مالك يا مالك حصل إيه أحكيلي
لم ينطق نظر لها وأتحل بالصمت من جديد ولكن من تكلم هو ياسين عندما طلب منها قائلا
هو ممكن تسبيه دلوقت يهدى
تنهدت ليلى بتعب ثم خضعت لطلبه نهضت من مكانها ثم نظرت لهم بحزن وتحركت خطوات بعيدا عنه لكنها قبل أن تغادر كليا نظرت له من جديد وقالت موجهة حديثهالمالك قبل أن تغادر
حاضر بس هنتكلم يا مالك هستناك نتكلم.
نهت جملتها ثم غادرت الغرفة بينما ياسين فظل صامت حتى لاحظ أن صديقه هدء من نوبة الهلع التي تملكته ثم قال فرحا متجاهلا كل شيء حدث
ابتسم له صديقه نظر له ثم اعتدل في جلسته وقال له
وأنا كمان مبسوط هما مين دول يا ياسين
جلس ياسين أمامه ثم قال ببساطة
دول يا سيدي جم عشانك.
عشاني أنا!
هكذا سأل بتعجب أومأ له الأخر ثم أردف قائلا
آه مس سهام جابتهم بعد اللي أنت عملته وقالولنا أنهم هنا عشان لو أي حد حاسس أن عنده مشكلة يجي يتكلم معانا وأن دورهم أنهم يحلوا المشكلة دي.
سمعه ثم صمت بينما ياسين فلم يصمت نظر له بتمعن ثم سأله
أنت حصلك إيه لما مس سلمى كانت بتلعب معاك يا مالك
وعند تذكره بما حدث من دقائق ترورقت مقلتيه بالدموع ود أن يكبتها ولكنه فشل زحفت دموعه على وجنتيه ثم نظر لصديقه وقال له بوجه شاحب وصوت يكاد يصل لمسامعه
ترورقت عين الآخر بالدموع وهو يستمع لمعاناة صديقه تلك المعاناة الذي يعرفها هو وحده لا يعلم كيف يساعده ولكنه يعلم جيدا أنه حزين على حال صديقه اقترب منه وأخذه في أحضانه بحذر شديد كان الأخر يحتمي فيه وكأن حضنه يبعد عنه شرور العالم وكيف على طفلين مثلهما أن يحتميا في بعضهما وهما أضعف من بعضهما بهذه البساطة وليتنا في نقاء هؤلاء الأطفال لأصبح العالم يعيش بسلام في جميع قاراته!
ولكن في حديقة الدار كانت ليلى تتجول حول الأزهار وتفكر فيما حدث في الساعات الماضية وأثناء أنغماسها في أفكارها ظهر أمامها ياسين كان يركض نحوها وكأنه يريد أن يلحقها وضعت خصلات شعرها المتطايرة خلف أذنها وسألتها بتعجب وهي تقف له
في إيه يا ياسين
وقف أمامها وهو يلهث پعنف ثم أجابها قائلا
كنت عايز أتكلم معاك.
ابتسمت له ثم قالت سريعا
يا سلام دا ليا الشرف تحب نتكلم في إيه
نهت جملتها وهي تسير جانبه ببطئ نظر لها وسار بجانبها هو الآخر وقال
هو أنتوا هتفضلوا هنا لحد أمتى
ابتسمت له بهدوء ثم سألته
لا بس في ناس هنا عايزة مساعدة وعايزكم تساعدوهم.
وقفت أمامه وعقدت حاجبيها بتعجب ثم سألته من جديد
زي مين
زي صحابي مثلا!
ابتسمت و ربتت على خصلات شعره بعشوائية وهي تقول له بمشاكسة
طب وأنت مش عايز تساعد نفسك
عقد ملامحه بتعجب من كلماتها أشار لحاله ببساطة ثم هتف
بس أنا مش عايز مساعدة!
نظرت له ثم صمتت أشارت له على النجيلة التي أسفلهم وجلست عليها نظر لها ثم عمل المثل وجلس أمامها ضمت رجليها على بعضهم وجلست بأرياحية أمامه ثم هتفت قائلة
كل واحد مبيكنش عارف هو محتاج مساعدة ولا لاء المهم سيبك من الكلام ده أنا عايزة أتكلم معاك في حاجة تانية.
إيه هي
الدار القديمة يا ياسين ممكن تكلمني عنها
صمت ولم يتحدث علمت أن حديثه في ذلك الموضوع ليس سهلا كما تظن لذلك أقتربت منه ومسكت كف يده وأردفت له قائلة
أنا الماچستير بتاعي يا ياسين هعمله عن دور الأيتام دي واللي بيحصل فيها فأنا حسيت أن ربنا بعتك ليا عشان تقولي كان بيحصل إيه معاكم أنت أكتر واحد هتقدر تساعدني يا ياسين
نجحت في بث روح المسؤلية في نفس ذلك الضعيف الهش بهذا الشكل سيشعر أن حديثه مهم بالنسبة لها ليس لأنه مجبر أن يحكي لها مأساته بل لأنه يساعدها هي بالأصل تحمس لتلك الفكرة ابتسم لها ثم قال
وأنا موافق أني اسعادك عايزة تعرفي إيه
تهللت أساريرها خرجت من جيب بنطالها مذكرة صغيرة وقلم ثم نظرت له بحماس وقالت له
أنا عرفت أنك كنت في دار تانية قبل دي وأن الدار دي مكنتش كويسة وعشان كده جيت هنا عايزة أعرف منك ليه الدار دي مكنتش كويسة يا ياسين كانوا بيعملوا إيه معاك أنت وصحابك
نظر لها ثم زفر بعمق وبدأ في سرد أول جزء من قصته المأسوية قائلا
كانوا بيعملوا حاجات كتير هما مكنوش بشړ أصلا! البشر بيحسوا وعندهم رحمة في قلبهم بس دول مكنوش كده دول كل اللي يهمهم الفلوس ومصلحتهم وبس.
أزاي
يعني مثلا... مثلا الهدوم كان لكل ولد فينا طقمين بس بنبدل فيهم مكنش لينا هدوم! والأكل هي مرة وحدة بس بناكل فيها.
مش يمكن الدار مكنش معاها فلوس
هكذا سألته لكي تنغمس معه في تفاصيل حكايته أكثر عند سماعه لتبريرها ڠضب وضح غضبه على تعابير وجهه وأيضا وهو يصيح معترضا
كان معاهم فلوس ده مكنش حد معاهم فلوس قدهم! كان كل كام شهر بيحصل عندنا زي حفلة كده حفلة بيجي فيها ناس غنية جدا ونضيفة عشان تتفرج علينا!
كانت تستمع له بهتمام شديد وهو لاحظ ذلك الأهتمام وقبل أن يسترسل سألته هي
كانوا بيعملوا إيه مش فاهمة يعني كانوا بيخلوكم تعملوا حاجات عشان يتبرعوا
ابتسم بحزن وأيدها قائلا
بالظبط عشان بتفرجوا علينا أزاي أحنا لبسنا مقطع ومش لاقين الأكل عشان يعني يتبرعوا بفلوس كتير وكده.
طب ما الناس اللي بتتبرع دي لو جت تاني هتلاقيكم بنفس الحال وهيعرفوا أنهم بيسرقوا فلوس التبرعات!
ابتسم ساخرا ثم بدأ في توضيح الصورة لها وأردف
ما هما كانوا جايبين لينا لبس للطوارئ يوم ما جمعية خيرية من اللي اتبرعت ليهم قبل كده بتجيلهم تاني بيخرجوا لبس الطوارئ ده.
فهمت ليلى ما يقصده وبحزن سألته وكأنها تبحث معه على حل
طب ليه محدش جرب يكلم حد من الناس دي ويفضحهم
سمع سؤالها وترورقت عيناه بالدموع نظر للسماء ثم هتف قائلا بقلب ېتمزق كلما تذكر ما حدث
ما هو ده اللي عملته فعلا وده يخلينا ندخل في أبشع جزء في الحكاية.
منذ وقتا في دار لا يصلح أن يطلق عليها دار أيتام.
كان الأطفال يقفون في صفوف لاسقبال تلك الجمعية الخيرية كان حال الأطفال مرثى لهم كثيرا ظاهر على وجههم چليا التعب والأرهاق الأطفال نحاف بسبب سوء التغذية وما يتعرضون له
متابعة القراءة