رواية للكاتبه نورا سعد-3

موقع أيام نيوز

تجلس مع سمير تتسامر معه ولكن قطع حديثهما دخول السيدة سهام عليهم وهي تطلب من سلمى الحديث معها وبالفعل استأذنت سلمى من الطفل وترجلت مع السيدة للخارج وقبل ان تسأل ما الخطاب كانت السيدة تقول لها في عجل
على اللي كان بيجيب لسمير الغراء جيه برا وعايز يقابل سمير أنا مش ناسية أنك طلبتي مني قبل كده تشوفيه وأهو جيه أهو.
ختمت كلماتها وهي تتحرك نحو الدرج لكي يتجها نحو حديقة الدار وبالفعل ترجلت معها سلمى دون أن تعقب على حديثها فقط وصلتها السيدة للولد دون الظهور في الصورة ثم انصرفت كانت سلمى تقف على بعد منه كان طفلا هزيلا ونحيف يكبر عن سمير بضع سنوات هيئته لم تكن أفضل شيء كان الولد ينظر حوله في انتظار ظهور سمير لكي يعطيه تلك المادة ويفر هاربا من هنا ولكن بدلا من ظهور سمير أمامه ظهرت له 
فتاة وجهها جديدا عليه نظر لها بتعجب ثم سألها
هو فين سمير
كانت تنظر له نظرات تقيميه كټفت ذراعيها أمام صدرها ثم سألته
عايزه ليه
عشان أسلم عليه!
رد عليها سريعا بينما هي فتقدمت منه خطوة وهي تنظر لعيناه مباشرة وقال له ما لم يتوقعه
ولا عشان تديله الكلة عشان يشمها
تلكم فور سماعه لكلماتها بينما هي فلم تصمت وبتحد استطرد قائلة
بس هو للأسف مش هيشوفك تاني يا علي أصل هو بطل الحاجات دي.
صمتت لثوان مع لهثه العڼيف ثم سألته سؤالا واضحا ولكنه كان قاس عليه
أنت ليه بتعمل كده ليه تجر طفل زي ده لشيء زي ده أنت.. أنت متعرفش أن الهباب ده بيأثر على المخ والأعصاب متعرفش أنه بيأثر على الجهاز الهضمي والتنفسي ليه عايز تدمره كده ليه
كانت نظراتها تحاوطه من كل إتجاه لا مجال للهرب لكنه وبثبات مزيف كان يدافع عن نفسه قائلا
أنا.. أنا مليش دعوة هو اللي طلب مني يجرب.
وبهجوم عڼيف كانت ترد عليه
كداب... سمير قالي أن أنت اللي عرضت عليه ده.. ده أنت مكنتش بتاخد منه فلوس! إيه اللي هتستفاده لما تخليه يدخل في السكة دي ها رد عليا
صړخت بأخر كلماتها دون أن تشعر ولم تدرى أنها بصړاخها عليه هكذا جعلت كل چروح قلبه التي سبق وحاول أن يداويها مع الأيام ټنزف من جديد تقدم هو هذه المرة منها وبوجه متهجم كان يقول لها
عشان ميبقاش أحسن مني... ليه هو وكل اللي هنا أحسن مننا ليه أحنا اسمنا ولاد شوارع وهما ولاد ملجأ
زحفت دموعه على وجنتيه تقدم خطوة أخرى وواصل
ليه أحنا اللي يشوفنا بيشتمنا ويهزقنا واسمنا في الأخر ولاد ستين كل ب وهما اللي يشوفهم بيطبطوا عليهم ليه حتى الطبطبة الناس مستكتراها علينا ليه هما لاقين بيت يحاوطهم وأحنا لاء أنت مش بتردي عليا ليه ما تردي....
صړخ في وجهها بأخر كلماته مما جعلها تتنفض في مكانها تشعر أن لسانها أنشل! وقبل أن ترد بأي شيء كان يستطرد هو قائلا بسخرية وهو يمسح دموعه
ولا عمرك هتعرفي تردي عليا هو ده أخرك.. تقفي من بعيد وتدي نصايح عشان واقفة على البر وعمرك ما هتقدري تدخلي لجوا أحنا بحرنا مقرف.. اسمه بحر ولاد الشوارع.
انتهى من كلماته ثم فر هاربا من أمامها بينما هي فشعرت أن قدمها تسمرت في مكانها كلمات ذلك الطفل تتردد في أذنها تشعر أنه سحبها لعالم أخر وقال لها أبحثي فيه جيدا.. كانت تقف تفكر في ذلك الطفل ومن يشبه أولاد الشوارع! مصطلح لم تفكر فيه ولو ليوم واحد ما أصله وكيف يعيشون ومن هم من الأساس! ولوهله تذكرت أنها حقا في نعم غير محصى لها! تذكرت أنها لم تفكر ولو للحظة طوال حياتها أنها تشكر الله على بيتها وأنها تتمتع بحياة كريمة كانت تظن أن تلك هي طبيعة جميع البشر ولم تعلم أن تلك من أكبر النعم التي تنعم بها في الحياة! وأهلها هل أتى على ذهنها في أي وقت أن وجود أهلها في حياتها هي نعمة من الله عليها أن تشكره عليها ولكن الأجابة كانت لا.. فهي مثلها مثل معظم البشر تظن أن الأهل شيء فطري في حياة الأنسان ولا تعلم أن الأهل الذين مازالوا في حياة ابنائهم_بغض النظر عن تصرفاتهم معهم_ هم نعمة كبيرة وتستحق الحمد! لم تفيق سلمى من تلك الدوامة غير على صوت سهام وهي تسألها
عملتي إيه
صمتت ولم تجيبها فقط استدارت لها وظلت تحملق فيها حتى السيدة تعجبت من هيئتها وقبل أن تسألها ماذا بها كانت سلمى تقول لها
هو ليه محدش بيهتم بالولاد اللي زي على ليه محدش جرب يعملهم دار زي دي ويعيشوا فيها حياة كريمة ليه هما منبوذين أوي كده
وببساطة ردت عليها سهام
عشان دون محدش يقدر يسيطر عليهم يا سلمى أولا في ناس مشغلاهم ومش هتسمح أنهم يتاخدوا منهم بالساهل كده ده غير الولاد نفسها.
مالها الولاد الولاد عايزين يعيشوا حياة كريمة.
هكذا ردت عليها بهجوم شديد وبهدوء أردفت السيدة
مين قالك كده الولاد دول خلاص خدوا من طبع الشارع أتشكلوا وبقوا نسخة من المشردين والصيع اللي بنقول عليهم صعب ننتشل عشرات الآلاف من الأطفال اللي في الشارع ونسيطر عليها صعب ناخد واحد من بيئة مفتوحة كل شيء غلط فيها مباح ونقولهم كل شيء أتعودوا عليه بقى مقيد هما مش هيقبلوا ده! الولاد دي كانت محتاجه حد من يوم ما بقوا في الشارع يرجعهم من الطريق ده بس للأسف.. ملقوش الحد ده.
صمتت وهي تفكر في حديثها تشعر أنها محقه فالطفل أولا وأخرا مثل النبتة التي تزرعها بيدك وتحصد نتيجة ما زرعته بعد مرور وقت فهم من زرعهم في الأصل مجموعة من الفاسدين فماذا ننتظر أن نحسد من تحت يدهم ولكن طرق على رأسها سؤال هام ولم تلبث أن تسألها سريعا
هي الولاد اللي موجودة هنا دي وصلته ليها أزاي يعني أزاي طريقهم مبقاش نفس طريق علي مثلا
وبهدوء وضحت لها قائلة
لما طفل يا سلمى يتوه من أهله أو يتخطف بيتحول أولا لقسم الشرطة ولو معرفوش يوصلوا لأهله بيحولوه لينا زي مالك كده مالك كان تايهه من أهله ولما الناس لقوه في الشارع سلموه لقسم الشرطة وبعد بحث جيه لينا أحنا وبرضه الأهالي اللي مش بتقدر تصرف على ولادها في منهم بيجي يسيب ابنه هنا.
زي سمير طبعا.
هكذا هتفت سلمى بسخرية غير مقتنعة أن يوجد أهل يستيطعوا أن يتخلوا عن قطعة منهم لأي سبب من الأسباب أليس تلك الأهالي التي من المفترض أن تنحت في الصخر لكي يوفرون لأطفالهم حياة كريمة إذا هم غير قادرين على أبسط حقوقهم لما جاءوا بهم للحياة من الأساس خرجت من الدوامة التي سحبت فيها على صوت السيدة سهام وهي تسألها
هو علي قالك إيه
تنهدت بثقل ثم قالت لها
مقالش حاجة مفيدة كل المفيد في اللي قاله أني عرفت أن الأطفال دي مظلومة مش مذنبين زي ما
تم نسخ الرابط