رواية للكاتبه نورا سعد-3
المحتويات
لقيت نفسي هنا في الدار دي آه عرفت أن أستخلصوا مني الكلة ولكن مش مهم المهم أني عايش!
دمعة هاربة زينت وجنتيها دون أن تشعر قلبها كان يعتصر ألآما على كل ما رأه ذلك الطفل وهو مازال زهرة لم تنضح حتى أوراقها! أقتربت منه بهدوء ومدت يدها مسحت له دموعه بأناملها الرقيقة رفعت رأسه التي كانت مطأطأه للأسفل وقالت له وهي مثبته عينيها عليه لعلها تبث له شعورها بالفخر نحوه وهي تقول
أنا فخورة بيك يا ياسين أنت بطل اللي يقدر يمر بكل ده لوحده يبقى بطل اللي يعرف يبقى رجل وهو في سنك يبقى بطل أنا ..أنا فخورة بيك.
ولكنها لم يسعد من كلماتها بل أنفجر في البكاء دون سابق إنذار هز رأسه بالرفض وهو يهتف بكلمات قطرت ۏجعا وقهرا
أنفجر فيها ثم لهث پعنف وكأنه كان في سباق فهو بالفعل كان في سباق ضد نفسه ولأول مرة يواجهة حاله بهذه الطريقة ولكن ليلى وقفت أمام أنفجاره هذا صامته وكأن جميع حروف الأبجدية لم تنصفها لكي تهون عليه! كل ما كان يتردد في ذهنها هو أن لديه كل الحق! هو طفل فقط هو فقط وليس كاهلا أنحنى ظهره من فرض حمله لأثقال الحياة! هو من المفترض ليس في حياته حمول من الأساس لكي يحملها وكأن الدنيا جاءت لديه وقررت أن تغير نظام الكون رغبت أن ضعتيه دروسا أكبر من سنه وتحمله من الأساس وكأنها تقول له أريد أن أرى ماذا ستفعل! ولكنها تراه أنه انتصر عليها فهو نجح أن يخرج من كل تلك المحڼ وهو يقف على قدمه صحيح بداخله بعض الندوب التي لم تداوي حتى بفضل الأيام ولكنه مر بكل تلك الأشياء بمفرضه في نظرها هو يستحق الثناء والفخر والتكريم!
أنا فخورة بيك يا ياسين أنت أعظم بطل ولازم تفتخر بنفسك أنت طفل بس بدماغ رجل كبير وده مميز فاهم يعني إيه مميز
ودون أن يشعر ارتسمت على وجهه ابتسامة هادئة أومأ لها دون إرادة ولم يعقب سوى ردد دون تفكير
أنا بحبك يا مس.
هنا وشعرت ليلى أن قلبها قفز من مضجعه وكأنه يتراقص على أنغام كلماته البسيطة فتحت له ذراعيها من جديد وهي تبتسم له بأمتنان على ذلك الشعور الذي بثه له دون أن يشعر ثم هتفت وهي تدخله في أحضانها بجوار قلبها الذي مازال يتراقص
بعدما أنتهت سلمى من الحديث مع الطفل أخذتها قدمها نحو المكتب الخاص بها هي وصديقتها ومع فتحها للباب رأت صديقتها تجلس أعلى المقعد وهي ساندة بمعظمها على سطح المكتب أمامها وتكوب بيديها رأسها قطبت الأخرى حاجبيها بتعجب وهي تتقدم منها وتسألها
مالك ياليلى
رفعت الأخرى رأسها لها ببطيء كانت عينيها منتفخاتان أثر بكاءها فزعت سلمى عليها شعرت أن يوجد خطبا ما ومع انتظارها لأجابتها هتفت ليلى بنبرة يتخللها الأصرار
أنا عايزة أنزل أشوف أطفال الشوارع يا سلمى عايزة أشوف حياتهم وعيشتهم عاملة أزاي.
وده ليه
شبكت يدها على سطح المكتب وملامحها تتهكم بشدة وتقول
عشان كل المصاېب اللي بتحصل للولاد هنا أولاد الشوارع طرف فيها!
تنهدت وهي تلتقطت ملامح عدم الفهم على وجه صديقتها لذلك أخذت نفسا وهي تسطرد
ياسين قالي أن الدار القديمة كانت بتستخلص أعضاء من أولاد الشوارع دول وبرضاهم! وأنت سبق وعرفتي أن السبب أن سمير يشم كان طفل منهم! ويا عالم مين تاني هنا حصله مصېبة بسببهم! أنا..أنا عايزة أعرف الولاد دول إيه قصتهم إيه أصلهم هما مين أصلا!
أخيرا لانت ملامح سلمى نظرت لها وهي تحلل تلك الفكرة في بالها وهي تقول لها
متهيألي لو عملنا كده مش هنستفاد بحاجة يا ليلى
جائز سلمى كانت محقه ولكن فضول ليلى كان أقوى من منطقها وهي ترد عليها باندفاع شديد
بس هيفتحلي عيني على حاجات أنا عمري ما فكرت فيها! أنا محتاجة أسمع منهم محتاجة أعرف إيه اللي يخلي ولد يوافق يتنازل عن حاجة من جسمه مقابل ملاليم! أنا عايزة أسمعهم يا سلمى بأي شكل!
هنا وبدأ الموضوع يلمع في رأس سلمى وكأنها تذكرت رتوشا من حديث علي وكيف كان يتحدث معها بنرة جافة كارهه لكل شيء ولكل أحد تذكرت حنقه الشديد وغيرته الشديدة من هؤلاء الأطفال الذين هم مختلفين عنهم لأنهم عثروا على سقف يظلل عليهم في سواد الليل الكاحل! أخيرا رفعت رأسها لها وهي تبتسم بهدوء ألتقطت القلم من أعلى المكتب ثم سحبت ورقة وهي تكتب فيها موجه حديثها لليلى
متهيألي أن مفيش أفضل أننا نساعدهم وفي نفس الوقت نتكلم معاهم مش كده
وكأنها للتو أستوعبت أنها وافقت على فكرتها الغير منطقية بالمرة! نظرت لها والفرحة تتراقص في مقلتيها وهي تهتف بسعادة كادت تقفز من وجهها
ده صح الصح كمان يا بنتي!
بادلتها الأخرى نظرة سعيدة وهي تهتف بعملية شديدة
إيه رأيك ننزل نوزع عليهم وجبات
راقت لها الفكرة لحد كبير ابتسمت بأتساع وهي تضيف عليها
وهقولهم أننا بنعمل بحث عن المتشردين يمكن ده يحفزهم أنهم يتكلموا.
كان هاتف سلمى يعلن على وصول مكالمة لها نظرت للهاتف بوجه محتنق ثم قالت وهي تقف تستعد للرحيل
فكرة هايلة أنا هظبط الدنيا وهكلمك همشي أنا بقى عشان عمالين يرنوا عليا في البيت مش فاهمة في إيه.
وقبل أن ترحل اوقفتها ليلى وهي تسألها بأهتمام
هو كله تمام
رسمت الأخرى ابتسامة مهتزة أعلى ثغرها وهي تقول لها
هيبقى كله تمام متقلقيش.
أعطتها سلمى نظرة مطمئنة ثم تركتها ورحلت وكانت وجهتها هو منزلها العزيز.
عادت سلمى لمنزلها وهي تترقب أنفجار ولدتها في وجهها في أي وقت وبالفعل صدق حسها عندما ألتفتت على صوت والدتها وهي تصرخ في وجهها بوجه حانق مشتعل
هو أنا يا بت مش برن عليك! وخطيبك عمال يرن عليك مش بتردي ليه ها ولا خلاص مبقاش لينا وجود في حياتك!
انتهت من كلماتها وهي تمسكها من معظمها وتهزها پعنف كانت الأخرى تغمض عينيها تريد أن تهدأ وبقدر استطاعتها من الهدوء الذي تحلت به قالت لها
كان معايا شغل كتير يا حببتي وبعدين خطيبي إيه هو
متابعة القراءة