رواية للكاتبه نورا سعد-4
المحتويات
العقد تنحل
هو مش باين علينا أننا بننام في الشارع
طب ليه مش بتشتغلوا وبالفلوس تأجروا أوضة تناموا فيها
هكذا سألت ليلى بعفوية وبتهجم أجابها أصغر حيث طفل بينهم
ما أحنا شغالين! ومع ذلك مفيش في جيبنا قرش واحد! تقوليلي أوضة!
شغالين مع مين
مع....
لم يكد الطفل أن ينطق بحرف واحد إلا وقاطعه صوت غليظ يظهر عليه العصبية والڠضب! وهو يصيح عليهم پغضب
إبه اللي بيحصل هنا
كان هذا صوت غليظ أفزعهم جميعهم حتى الأطفال نهضوا سريعا وكانوا على وشك الفرار من أمام هذا الرجل المخيف ولكنهم ثبتوا في مكانهم عندما سمعوا صوت ليلى تهتف بثبات أعجبه به الصبيه
مع وصول أونصة الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 2500 دولار، يجد المواطن المصري نفسه مضطراً لموازنة استثماراته بين الذهب واحتياجاته الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات مثل تويوتا، هيونداي، وبي إم دبليو، مما يزيد من التحديات المالية التي يواجهها.
كان هذا قول ليلى الواثق لا تدرى من أين جاءت بهذه القوة والثبات ولكنها أهتزت عندما هتف ذلك الرجل بصوت أجش غليظ
حقوق إيه وزفت إيه أحنا مش عايزين نتكلم معاكم ولا مع غيركم.
ولكن سلمى حافظت على ثباتها تقدمت منه ثم ردت عليه قائلة بصرامة
هو احنا مش بناخد منك إذن احنا بنعرفك ولو حضرتك عندك مانع كده هنضطر نوصل أعتراضك ده للمسؤولين وها بقى هيتصرفوا.
هنا وتراجع الرجل في غلظته معهم بدل نظراته بين جميع الوشوش وهو يفكر في حديثها جلس على أقرب مقعد وهو يرمق سلمى بنظرات متفحصه ثم هتف قائلا
تتأثر أسعار السيارات من شركات مثل مرسيدس بتقلبات أسعار الذهب وسعر صرف الدولار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد.
ابتسمت سلمى ابتسامة بسيطة لصديقتها وهي تجلس أمامه وتشير للأخرى بالجلوس والأطفال أيضا تراجعوا في خوفهم وجلسوا بجوار الرجل دون أن ينطقوا بشيء نظرت سلمى له ثم قالت
عايزة أعرف الولاد هنا بيشتغلوا إيه بالظبط
صمت الرجل لثوان ثم قال وهو يبدل نظراته بين الفتيات والصبية
بجيب ليهم بضاعة وبيبيعوها في الأشارات.
ولأنه لم يكن هذا الموضوع هو المراد الإستفاضة به انتقلت ليلى للسؤال التالي سريعا قائلة
طب أنا عايزة أعرف حكاية الولاد هنا.
صمتت وهي ترى علامات التعجب عليهم بللت حلقها ثم هتفت مجددا
ابتسامة جانبيه ارتسمت أعلى ثغره رمقها بنظرات ماكرة ثم قال
طب ما أحكيلك أنا أسهل.
عايزة أسمع منهم هما.
هكذا هتفت سلمى بنبرة حازمة أشاح بوجهه بعيدا وهو يتأفف حانقا أشار على الصبي الأكبر وقال
أحكيلهم يا باسم حكايتك.
ابتسامة خبيثة ارتسمت على وجهه وهو يواصل بسخرية
أصل حكايتك هي أكتر حكاية هتأثر فيهم وهتخليكم تصعبوا على الهوانم.
علت ضحكاته دون الاهتمام بتلك النظرات المنكسرة التي كانت ترمقه وبنبرة لينة وابتسامة هادئة قالت له سلمى
أحكيلي حكايتك يا باسم أنا عايزة أسمعك.
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.
الحكاية كلها بدأت لما أبويا وأمي قعدوا يتخانقوا سوا كل يوم كانوا بيضربوا بعض وبيشتموا بعض وبيعملوا كل حاجة ممكن تتخيلوها.
كان صوت الصبي غليظ وكأنه تأثر بعوامل كثيرة لا حصر لها وباهتمام شديد حثته ليلى على المواصلة نظر لأصدقائه ثم واصل قائلا
لحد ما في يوم قولت أنا لو مشيت من بيتهم هكون أحسن مش هخاف ولا هتعب من كتر اللي بسمعه.
ابتسم ساخرا على حاله وهو يواصل
مكتتش أعرف أن خناقهم وكل حاجة بيعملوها هي نعمة في حياتي أنا مش مقدرها.
صمت وهو ينظر في نقطة خاوية ثم استطرد بخواء
مكنتش أعرف أن الشارع في حاجات كتير هتزعلني وتتعبني وتخنقني بالمعنى الحرفي غير خناقات أبويا وأمي.
كان يتحدث بعشوائية حديثه مبعثر غير مرتب لاحظت سلمى أنه يعاني من مشكلة نفسية وهو الأن يتذكر كل ما دمره! حاولت أن تحتوى الحديث عندما سألته سؤالا صريح
قولي عملت إيه لما سبتهم يا باسم
تنهد بثقل وهو يقول
لما سبتهم كنت مقرر أني همشي وهعتمد على نفسي كنت فاكر أني هشنتغل وهجيب شقة ووو...
ابتسم ساخرا على تفكيره الساذج هذا ثم واصل
مكننش أعرف أني كنت عيل مطلعتش من البيضة حتى!
كان عندك كام سنة
كان هذا سؤال ليلي وبدون اهتمام أجابها
٧ باين أو ٨ مش فاكر.
أومأت له ثم واصل هو
سبتهم وخدت القطر ومشيت من الفيوم ونزلت على هنا القاهرة ومن يومها وأنا مرمي في حضن الشوارع.
وبعدين
رفع كتفيه للأعلى وهو يجيبها ببساطة
ولا قبلين بقيت أبن شوارع.
ختم كلماته وهو يقهقه عاليا وكأن ما كان يقصه نكته سخيفة وليست حياته التي ډمرت!
هنا وأشار الرجل على الولد التالي لكي يتحدث وبالفعل بدأ في الحديث وقال
أنا حكايتي سهلة أوي أنا توهت من أهلي وبقيت هنا.
هكذا قال كلماته ببساطة شديدة ممتزجة بلامبالاة! وقبل أن يتفوه أي منهم بشيء كان الرجل ينهض وهو يقول بغلاظة شديدة
متهيألي عرفتوا كل حاجة كده وعشان برضه مكنش حرمتكم من حاجة هندهلكم البت أمل تسمعوا قصتها هي كمان أصل قصتها تشحتف القلب مش زي البغال دي.
انتهى من كلماته وهو يصيح على الفتاة تحت نظرات الفتيات المتعجبة من تصرفاته الفجة تقدمت منهم فتاة صغيرة لا تتعدى السابعة عشر عام كانوا ينظرون لها ولهيئتها الرثة بشفقة شديدة كان حالها لا يختلف عن حال الصبية كثيرا خرجوا من حالة الذهول التي أصابتهم على صوت الرجل وهو يقول للفتاة الصغيرة
قوليلهم يا أمل حكايتك أنت كمان خليهك يغوروا من هنا بقى ونخلص من اليوم الأسود ده.
ختم كلماته وهو يتأفف پغضب ويجلس من جديد غير مكترث لنظرات الفتيات الغاضبة من أفعاله ولكنهم انتبهوا على صوت الفتاة الصغيرة وهي تقول بنبرة ملتوية ماكرة
ده أنا حكايتي متتحكيش في روايات يا هانم.
تعجبت ليلى من نبرة صوتها العجيبة هذه عقدت حاجبيها وهي تسألها
اللي هي إيه بقى أحكيلي عايزة أسمع.
وبغنج وعيون وقحة كانت تقول لهم ما لم يتوقعوا سماعه قط
أصل أنا غلطت من واحد أعرفه وحملت منه ولو كانوا أهلي عرفوا كنت هبقى في عداد الأموات.
ختمت كلماتها وضحكاتها ترن في الأجواء كانا الفتاتان فاغرين فيهم من ما يحدث أمامهم هل تلك الفتاة تعد طفلة أم أنها أمراة دارت في الدنيا حتى شابت خصلاتها! خرجوا من تلك الدوامة على صوت الفتاة وهي تسطرد حديثها قائلة
الواد اللي حملت منه قالي أهربي فضل يخوف فيا لحد ما هربت فعلا.
طب والحمل
هكذا سألتها سلمى بلهفة ولكنها صډمتها الأخرى عندما قالت بنبرة أكثر هدوءا من ذي قبل
ولدت.
وراح فين
هنا وصمتت الفتاة نظرت على اللاشيء أمامها وكأنها تتذكر تلك الليلة بالتحديد شردت في ماضيها وما فعلته في جزء لا يتجزأ منها وبترو هتفت
سبته...سبته قدام بيت.
لم يعلق أحد منهم عليها وكأنهم يستوعبون مدى قساوة ذلك الفعل البشع! ولكنها هي فاجأتهم بحديثها عندما قالت بثقل وصوت مخټنق
هما هيربوه...أو هيودوه ملجأ المهم مسيره مش هيكون زي مسيري أبدا.
هنا وشعروا بالشفقة عليها هي ليست أمرأة هي فتاة صغيرة ولكن الحياة حنت لها ظهرها بكل قسۏة وقبل أن يستفهم أي منهم على شيء تحدث ذلك الرجل وقال بحنق واضح چليا عليه
ما تخلصونا بقى! عايزين إيه تاني
متابعة القراءة