رواية للكاتبه نورا سعد-4

موقع أيام نيوز

سمير سريعا وبسعادة كبيرة كان يضيف هو قائلا
وأنا كمان عرفت أني شاطر أنا كنت فاكر أني مليش لازمة وأني مش محبوب بس عرفت أن كل واحد عنده مواهب محتاج يدور عليها وعرفت أن كلنا محبوبين وأن لو حد أتخلى عننا يبقى هو اللي خسرنا أنا أتعلمت كمان أن أنا غالي غالي أوي أوي وخصوصا في عيون نفسي..صح يا مس
كانت كلمات بسيطة موجه لسلمى لكنها تحمل الكثير والكثير من المعاني فمن يتخيل أن من يتحدث هذا هو من كان يركض نحو طريق الهلاك...طريق الإدمان الأبدي! ابتسمت له سلمى من قلبها ولم تعقب على حديث أحدهم لكنها وجهت كلماتها نحو ياسين الذي سألته
وأنت يا ياسين
ابتسم لها ثم نظر لليلى بنظرات هي فقط التي فهمتها جيدا وبذات الابتسامة كان يقول لها
أنا اتعلمت أني أحب نفسي وأني مخافش من حد أنا بقيت بحب الناس من بعد ما كنت بخاف منهم! بقى نفسي يكون عندي عيلة بجد بعد ما كنت بدور وشي الناحية التانية لما بيجي سيرتهم أنا اتغيرت أوي أوي بسببكم.
كانت كلماتهم في محلها فهم تغيروا تغير جذري بسبب هؤلاء الفتيات وهؤلاء البراعم الصغيرة أيضا قاموا بتغيرهم دون أن يشعروا! وبمشاعر ممتنة لهؤلاء الصغار كانت سلمى تقول لهم
وأحنا كمان أتعلمنا منكم حاجات كتير يولاد أحنا كمان شوفنا الحياة بشكل تاني بسببكم أحنا بنشكركم على الوقت اللطيف والمشاعر الجميلة اللي حسينا بيها بسببكم.
ثانية...أثنين..ثلاث ثواني وكانت ليلى لملمت أعصابها لكي تقول لهم الخبر الأساسي خبر أن اليوم أخر يوم لهم وسطهم! رفعت رأسها لهم رمقتهم جميعهم بنظرات متمعنة ولكنها دامعة ثم هتفت بصوت مخټنق 
أحنا كنا عايزين نقولكم يولاد أن النهاردة أخر يوم لينا هنا.
الصدمة أعتلت الوجوه..لم يصدقون...لا يستوعبون ما يلقي على مسامعهم صعب عليهم في غاية الصعوبة أن يتعلقون بأحد هكذا ثم ينسحبون من حياتهم! كانوا يشعرون بهم بل كانوا متوقعين ما سيحدث لذلك تدخلت سلمى سريعا تضيف بابتسامة كبيرة
بس أحنا هنجيلكم على طول دايما هنكون متابعينكم وعنينا عليكم ودايما هنيجي نشوفكم في التدريب وكمان المدرسة أنا هكون متابعة مع المدرسة بتاعتكم ودايما دايما هاجي أزوركم يولاد.
كلماتها طمئنتهم حتى لو بنسبة قليلة ولكي تحتوي ليلى الوضع أكثر أضافت هي بمرح تلك المرة
أوعى حد يفتكر أنه هيكون بعيد عن عنينا يعني هيقدر يعمل حاجة غلط كده ولا كده لا...أي حاجة غلط هتحصل هتلاقوني فوق دماغكم على طول لحسن تفتكروا أن مفيش المسات خلاص فنعمل كل حاجة ممنوعة بقى وكده أنا براقبكم...وهراقبكم خدوا بالكم
ختمت كلماتها بنبرة مشاكسة لهم جعلتهم يضحكون بعدما كانوا على وشك البكاء وسريعا انضموا الفتيات لهم وأخذوهم في احضانهم بكل حب....وأثناء فقرة الوداع هذه مسكت ليلى يد ياسين وهي تنظر له نظرات مبهمة ثم قالت لهم جميعهم
وكمان عايزة أقولكم أن ياسين هيجي يعيش معايا يولاد .
صوت الهمهات ارتفع جميعهم غير مستوعب ما يقال ولكن كل ما حدث هو هجوم ياسين عليها يعانقها بسعادة كبيرة يشكرها من كل قلبه يشكرها أنها لم تخذله كانت تنظر له بنظرات نصر وكأنه هو أعظم انتصارتها في الحياة! وما حدث أن الأصدقاء أنهالوا عليه بالمباركات والأحضان والقبلات وكأنهم يهنئوه على فوزه بشيء كبير...وهو بالفعل كبير هو بالفعل فاز بأم!
وفي وسط تلك المباركات تقدم مالك من ياسين بعيون دامعتان وهو يقول له
أنت مش هتنساني صح
نفى الصغير برأسه سريعا وهو يقول له
أنا مش هنساكم أنا هزوركم دايما صح يا مس مش أنت هتجبيني على طول
وسريعا أجابته مطمئنة أياهم
طبعا يا حبايبي كل اسبوع هنيجي نزوركم كمان.
تهللوا الأطفال من جديد وأعتلت الصيحات والضحكات
وبعد كل تلك المشاعر المبعثرة انتهى اليوم وجاء موعد الأنصراف وقفت ليلى أمام ياسين وهي تكسوا على ركبتيها لكي تصل لقامته نظرت له بعينان دامعتان وهي تتحسس وجهه بكفي يديها وتقول له بصوتها المخټنق لرغبتها في البكاء
أنت هتيجي معايا دلوقت أنت موافق صح 
كان ينظر لها بسعادة كانت الدنيا بأكملها تتراقص في مقلتيه يشعر أن خلق له اجنحه وأنه على وشك التحليق في السماء بجانب الطيور يشعر أنه بخفة الفراشة! وبحركة تلقائية منه كان يمسك كف يدها وشبك أصابعه الصغيرة في أصابعها وهو يقول لها
أنا كنت بحلم باليوم ده يا مس! أنا اكتشفت أن كان نفسي يبقى ليا عيلة رغم رفضي وخۏفي من التجربة بس معاك أنت أتمنيت يكون ليا عيلة وبيت.
صمت يراقب دموعها التي تهبط من مقلتيها ببطئ كأنها تعاني لكي تتساقط رفع أنامله ومسح لها دمعتها وهو يواصل قائلا بصدق وحب
أنا عايز أقولك شكرا عشان اختارتيني من وسط آلاف الأطفال اللي معندمهمش بيت شكرا عشان اختارتيني أن يكون ليا بيت وأحس بالدفا ...حتى لو كان دفا وهمي مش مع أهلي الحققين بس كفاية أن هيكون ليا باب بيتقفل عليا أخر كل ليل ناس كتير بتتمنى الأحساس ده ومش لقياه!
رفعت أناملها ببطئ مررتهم برفق على وجنتيه ودموعها تنهمر من مقلتيها قائلة
أنت شايفني حلم كان نفسك توصله بمعجزة وأنا كنت شيفاك حلم لازم أحارب عشان أوصله يا ياسين.
كل منا ينعم بكم من النعم التي لا حصر لها في حياته لكنه غير آبه لأي منهم في حين أن يوجد آلاف غيرنا يتمنون أن يحصلون على تلك الحياة بكل عواقبها فتخيل كم أنت محظوظ عن الجميع يا عزيزي فأشكر الله دائما وأبدا
تمت.
أزهار_بلا_مأوى
نورا_سعد

تم نسخ الرابط